تعددت اللقاء السرية السعودية الإسرائيلية، وأخرها لقاء مدير عام الخارجية الإسرائيلية «دوري غولد»، واللواء السعودي المتقاعد «أنور عشقي»، في 4 يونيو/حزيران الماضي، ولكن اللقاء الذي عقده زعيم حزب «هناك مستقبل» الإسرائيلي «يائير لبيد» في نيويورك يوم الأربعاء 30 سبتمبر/ أيلول بالأمير السعودي «تركي الفيصل»، مدير المخابرات السابق، كان علنيا بين الطرفين ويمثل مرحلة جديدة وعلنية بين الكيان الصهيوني وال سعود .
تم عقد اللقاء في واشنطن، وقد جاء تزامنا مع التطورات الدراماتيكية في المنطقة، وقد أعلن المسؤول الإسرائيلي (عضو الموساد)، «ليبيد» أن اللقاء يأتي برغبة سعودية رسمية.
وجاء اللقاء ايضا في وقت تسعي فيه مصر والأردن للضغط علي الرئيس الفلسطيني «محمود عباس» لعدم تحديد سقف زمني لتنفيذ تهديده بإلغاء اتفاقات أسلو، بحسب ما قالت صحف إسرائيلية، كما جاء في وقت تسعي فيه واشنطن وأطراف عربية للاستفادة من التقارب السعودي – الإسرائيلي على خلفية التطورات في المنطقة وايضا المخاوف من النووي الإيراني في تحريك المفاوضات عبر مؤتمر إقليمي للسلام بين إسرائيل والدول العربية يستند لمبادرة السلام العربية بما يسمح بتطبيع العلاقات بين دول الجامعة الـ 23 والدولة الصهيونية.
أيضا كان من الملفت أن «تركي الفيصل» لم يكتف بلقاء المسئول الصهيوني، ولكنه أجري مقابلة خاصة مع صحيفة «هآرتس» نشرت أجزاء منها وقالت أنها ستنشرها كاملة تزامنا مع «مؤتمر إسرائيل للسلام» الذي تنظمه الصحيفة يوم 12 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل في تل أبيب.
وظهر «الحرص» السعودي للتطبيع مع الدولة الصهيونية، في قول الأمير السعودي «تركي الفيصل» إننا ندعو «نتنياهو» «للتحلّى ببُعد نظر لاعلان استعداده لإجراء مفاوضات مع الفلسطينيين على أساس مبادرة السلام السعودية».
الفيصل لم ينكر وجود تعاون بين إسرائيل والسعودية وأكد أن على إسرائيل ان تنضم إلى مبادرة السلام العربية لكي يكون هناك علاقات قوية مع السعودية وفي أي شأن سواء كان علناً أم من وراء الكواليس،ويقول مراقبون ان لقاءات السعوديين مع المسئولين الإسرائيليين تثير تساؤلات حول طبيعة هذا التعاون المقصود.
وسبق للفيصل أن أجري لقاءات سابقة مع مسئولين إسرائيليين، وفي السنوات الأخيرة التقى «الفيصل» مسؤولين إسرائيليين كباراً بينهم الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية «أمان» اللواء احتياط «عاموس يدلين» الذي يترأس الآن «معهد أبحاث الأمن القومي» في جامعة تل أبيب.
وكان «السيسي» قد دعا يوم 27 سبتمبر/أيلول الماضي، وفقا لـ «أسوشيتيد برس» إلى «توسيع معاهدة السلام، التي أبرمتها مصر مع إسرائيل قبل 40 عاما، لتشمل دولا عربية أخرى كالسعودية »، وحينما أثار تصريحه جدالا بين المصريين والعرب.
ولفتت «هارتس» إلى أن تصريحات للفيصل قالت إنها تتعلق بـ«علاقة السعودية مع إيران ومواقفه من الاتفاق النووي الإيراني ومن تنظيم الدولة الإسلامية ومن الادعاءات بأن السعودية تنشر الإسلام المتطرف في العالم»، سوف تبث في «مؤتمر السلام» وتنشر في ملحق خاص لاحقا.
وقد علق المسئول الصهيوني «ليبد» على اللقاء قائلا إنه «كان واضحاً أنه الأمير السعودي لم يصل ممثلاً لنفسه، ليس هناك في السعودية شيء كهذا وان اللقاء السعودي الاسرائيلي يمثل تطورا في العلاقات السعودية الاسرائيلية»، وألمح لعقد لقاءات أخري مستقبلا، ربما في القاهرة أو الرياض، وفقا لقوله.
وقال إن «هذه التسوية بحاجة لتجند كل من السعودية ومصر والأردن ودول الخليج وبحاجة إلى رعاية أميركية وأوروبية وروسية». وقال رئيس حزب «يوجد مستقبل» أن اللقاء تم ترتيبه «كجزء من عمل يجري في واشنطن»، وناقض كما أبدى تأييده لاعتبار المبادرة العربية أساساً للمفاوضات، ولكنه في الوقت ذاته يرفض الانسحاب إلى حدود 67 ويرفض تقسيم القدس المحتلة أو إخلاء الكتل الاستيطانية، وهو ما يراه متابعون تناقضا واضحا.
ستة لقاءات سرية بين السعودية وإسرائيل في 17 شهرا
وسبق أن أكد تقرير لموقع «بلومبيرج» 4 يونيو/ حزيران الماضي، في معرض تعليقه علي لقاء «أنور عشقي» و«دوري جولد» أن «هذا اللقاء في مجلس العلاقات الخارجية سبق خمسة جلسات سرية عقدت منذ بداية عام 2014 بين ممثلين عن إسرائيل والمملكة العربية السعودية»، وذلك لمناقشة العدو المشترك، إيران، ما يعني أن هذا اللقاء هو السادس.
وكشفت «بلومبرج» أن اللقاءات الثنائية الخمسة السابقة دارت على 17مدار شهرا الماضية في الهند وإيطاليا وجمهورية التشيك، وقال أحد المشاركين الصهانية في اللقاء وهو جنرال اسرائيلي متقاعد يدعى «شمعون شابيرا»: «لقد اكتشفنا أن لدينا نفس المشاكل ونفس التحديات وبعض الإجابات نفسها».
وقال الجنرال الصهيوني: «قال لي عشقي (في لقاء سابق) أنه يوجد تعاون حقيقي وسيكون ممكنا ومتطورا ان قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مبادرة السلام التي اطلقتها السعودية في عهد الملك عبد الله لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني».
وزعمت «بلومبيرج» أن اللقاءات السرية بين إسرائيل والسعودية وراءها مصلحة مشتركة في التصدي لايران وحلفائها وهم العدو المشترك وايضا لإحباط نووي إيران، وأنها تأتي برغم عدم الاعتراف الرسمي بين البلدين، وبينما المملكة العربية السعودية لا تزال لا تعترف (رسميا) بحق إسرائيل في الوجود، فإن إسرائبل لم تقبل بمبادرة السلام السعودية لإنشاء دولة فلسطينية.
وسبق أن كتب «غولد»، في أحد مقالاته على صحيفة «إسرائيل اليوم» يقول: «فتحت حرب اليمن عام 1962 المجال لمصالح مشتركة بين إسرائيل والسعودية، حيث دعمت مصر، برئاسة جمال عبد الناصر، الانقلاب العسكري ضد حكم إمام اليمن، بينما كان السعوديون يدعمون الإمام ووفروا لقواته ملاذًا آمنًا على أراضيهم».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
سيتم حذف اي تعليق يحتوي كلمات نابية ودعوة للارهاب والقتل