Memuat...

الأحد، مارس 06، 2011

حقيقة شعبان وحكايات لايمحوها النسيان" الحلقة الثالثة "

كان من اقسى واصعب الايام التي مرت في حياتي ورغم فقدي لاخي الشهيد امين اول شهيد في انتفاضة النجف الاشرف  والكثير من الاحبة في اليوم الاول من الانتفاضة ولكن هذا اليوم كان له خصوصية في البشاعة حيث تجسدت فيه ابشع صور الحقد الجهنمي للطاغية الدكتاتور المجرم صدام وكان لهول الاجرام وضخامته ما انساني همي وحزني على اقرب الناس لي ..
كانت الليلة التي سبقت هذا اليوم تعج بالحركة والنشاط الغير مسبوق لبعض الاشخاص الغير معروفين لنا ابناء المدينة ويعلم الاخوة الذين كنت معهم ما اقول فقد شخصت تلك الحالة وقتها وحذرت منها وصدق حدسي ولكن الاوان قد فات ..
كانت سيارات اسعاف المرضى تجوب الشوارع وتنادي بان الطاغية قد سقط وانتهى وكان على متنها احدهم وهو ينادي بمكبر الصوت وفي الاخرى ثاني وثالث وجميع هذه العربات تتشابه في ان فيها احدهم يصور بكامرة فديو..
كانوا يصورون كل من يتحرك وكل مكان فيه نشاط ضد النظام واقتربت احدى تلك العربات من الجمعية الاستهلاكية والتي تحولت الى مستوصف لمعالجة الجرحى وتوقفوا هناك وكانت الجمعية اسمها جمعية "السابع عشر من تموز" وكان هذا الاسم قبل الانتفاضة ولان اللافتة بقيت فقد وضعنا سلما خشبيا وصعد احد الاخوة لقلع تلك العبارات المقززة وسط هتاف الجميع بزوال العبث القذر وازلام الاجرام الصدامي الكافر وبدأ التصوير لكل مفردة تحدث وللوجوه التي تنشط بازالة تلك القاذورات البعثية فتوجهنا اليه وطالبناه بايقاف التصوير وابراز هويته فقد كان غريبا ..
كان مرتبكا واستجاب للطلب بسرعة فقد لمح في كلامنا معه الشكوك ولكن سرعان ما انطلق ازيز الرصاص علينا في وسط شارع الرسول وسقط بعض الشهداء واحتمينا باحد الاعمدة وبعد ان توقفت الرشقة التفتنا لسيارة الاسعاف فلم نجد لها اثرا فقد انطلقت مسرعة وكأن هناك تنسيقا بينها وبين المطلق للرصاص ..
يعلم الجميع كم هي دولة الاجرام الصدامية محنكة في القضايا الاستخبارية والاختراق والتسلل خلف خطوط اعدائهم وقد نجحوا في ذلك حينما اخترقوا حتى مكاتب المراجع ورغم تشخيص الاخوة وعلمائنا الافاضل لتلكم العملاء المندسين الا انها وقت ذاك لم تكن تستطيع التعرض لهم ولم تبالي بهم بل كنا نتلاعب بهم بذكاء وحنكة وتحسب فيما كان جانب الحذر على اشده حتى ان هناك قصة اوردها سماحة الشيخ محمد رضا النعماني في مذكراته ايام المحنة مع الشهيد السعيد السيد محمد باقر الصدر رضوان الله عليه حينما عثرو على جهاز تنصت في سماعة الهاتف الشخصي لسماحة الشهيد السعيد الخالد وكان راي السيد هو تركها في مكانها وكانوا يُسْمعون المراقبين لهم ما يجعلهم يظنون ان السيد ومن حوله بعيدون عن الشبهات فيما كانوا يتكلمون في اسرارهم بعيدا عن المراقبة اما فوق السطح او في الغرفة العليا ..
كان الاختراق البعثي اكبر خطر هدد الانتفاضة وكنت احذر وقتها منه ولكن الوضع لايمكن السيطرة عليه وفق الية مارايناه وقتها من تكوين تكتلات ومجاميع متباعدة عن بعضها البعض والتحرك حسب الدائرة المغلقة والابتعاد عن التنسيق لا بل كان لبروز تلك التكتلات الاثر الكبير في انجاح العدو من ان يخترق الصفوف ويعمل على بث بذور الشقاق والمشاكل بين ابناء الانتفاضة وكما يحصل اليوم من اختراق يسبب مانراه من ارباك وعرقلة لاي مشروع يخدم ابناء الشهادة وضحايا الاجرام البعثي الصدامي المجرم ..
الليلة تلك وقبل الغروب بدقائق انطلقت تلك الاصوات المشبوهة مطالبه ابناء النجف الاشرف بالتعبير عن الفرحة كل حسب مايستطيع وباي صورة كانت واعلنوا لقد سقط الطاغية في بغداد وكان هذا هو النداء المشبوه الاول المنطلق تلك الليلة ..!!
ذلك النداء ذكرني بالنداء الذي اطلقه الطاغية يوم 8.8.1988 يوم وقف اطلاق النار في الحرب العدوانية التي فتح ابوابها الطاغية والاعراب والقوى الكبرى التي اعانته ووقتها كان ذات الطلب من الشعب وهو ان يعبر الجميع وفق مايناسبه وكان المجال لاطلاق النار في الهواء كتعبير عن الفرحة هو المقصود وقد حصل ذلك ..
كان بقربي مجموعة من الاخوة الاصدقاء وقلت لهم ان هذا النداء مشبوه ولكن سرعة الاستجابة له كانت اسرع من ان نلاحق آثاره فقد كان هذا النداء ينادى به في انحاء اخرى من المدينة والقرى والنواحي المجاورة وسرعان ما انطلق ازيز الرصاص وحتى قاذفات الآربي جي التي تطلق على الصحراء من منطقة بحر النجف والمدافع المقاومة للطائرات التي نصبت في اطراف المدينة تحسبا لاي تحرك ضد الانتفاضة وسقط نتيجة لذلك العشرات من الشهداء من نساء واطفال وشيوخ واكتضت الجمعية التي حولت الى مستوصف بالجثث والجرحى رغم ان النظام لم يبدا معركته الفعلية بعد وكان ان انتهى الامر وقد فقد الجميع السيطرة عليه كان لزاما علينا التاكد من الامر ولأن الكهرباء وقتها مقطوعة وحتى البطاريات نضبت عند الجميع ولكن كانت عندي في البيت بطارية سيارة استطيع تشغيل الراديو لسماع الاخبار وفعلا تاكدت من ان الخبر كاذب وهو دعاية اجرامية المراد منها تفريغ الساحة من اكثرعدد ممكن من العتاد والرصاص الشحيح اصلا فالنظام يعلم جيدا ان هؤلاء الثوار لايوجد لديهم خطوط امداد وتواصل مع اي جهة كانت رغم الاتهام لهذه الثورة بانها قدمت من خارج الحدود ويقصد بذلك ايران ولكن ماذا يجب ان نفعل ؟؟
انطلقت مع بعض الاصدقاء الى الصحن الحيدري الشريف وكان الاخوة قد انشأو في احدى غرفه اذاعة بسيطة ترسل بثها على الموجة القصيرة والتي لاتتعدى حدوها مساحة النجف وبعض الاطراف البعيدة وكان يعمل فيها السيد علي العذاري وطلبت منه بث نداء بايقاف اطلاق النار لان الامرغير صحيح وهناك خدعة صدامية اجرامية واسرعنا الى الغرفة التي يؤذن منها المؤذن ويضع التسجيلات الصوتية والقرآن الكريم وطالبناه ببث نداء للجميع بايقاف اطلاق النار لان الكثير من الشهداء والجرحى قد سقطوا نتيجة لذلك اضافة الى ان الخبر كاذب ومرت ساعتان واكثر ولم يتوقف الاطلاق الا بعد ان افرغ الكثير مخازنه وما لديه من عتاد وقنابل يدوية وحتى الاخوة الرابضين بمدافع ال 57 المقاومة للطائرات فوق بعض التلال والمقبرة افرغوا عتادهم في الهواء تعبيرا عن تلك الفرحة الخادعة ..
كان الامر مريعا والضحايا في تلك الليلة كـُثر ولاحظنا هناك بعض الشهداء وقد اخترقت رصاصة واحدة راسه وتكرر المشهد فهناك الكثير ممن تلقى رصاصة في الراس مما يعني ان هناك من استثمر هذا الاطلاق الكثيف واقتنص هؤلاء الشهداء وكان من بينهم الكثير من الاخوة المتحمسين حسب مايرتدوه من لباس متميز واغلبهم كان يعتمر رباطة على راسه تعبر عن انتمائه للثورة الانتفاضة وانه من ابنائها فايقنا ان هناك قناصة متربصين ولصعوبة الحركة ليلا فهناك اوامر من قيادة الانتفاضة بمنع التجول ليلا ماعدى الاخوة الذين يقومون بالحراسات الليلية في الشوارع ولكن لقربي من الصحن الحيدري الشريف والاخوة هناك كنت استطيع التحرك والذهاب في اي وقت وفعلا كانت الهواجس تشي بان في الامر خطورة وتحدثنا في سبل الوصول الى هؤلاء القناصة وقرر الاخوة ان تشكل مجاميع وخلايا لتفتيش الفنادق المهجورة والبيوت الفارغة القريبة من مناطق سقوط الضحايا وكان لبعض البنايات في شارع الرسول النصيب من ذلك التفتيش وفعلا استطعنا من القاء القبض على بعض الجلاوزة مع قناصاتهم وبعض اجهزة الارسال لاعطاء الاحداثيات وكان من بينهم احد ابناء العروبة من مصر وهو يرسل المعلومات الى قيادة البعث الاجرامية وما ان انزلناهم الى الشارع ورأهم الناس حتى خرجت الجموع زاحفة وهي تنهال عليهم بالضرب والشتم والبصاق ولم يستطع احد ان يسيطر عليهم فقد كان لكل منهم شهيد قد سقط على ايدي هؤلاء المجرمين القتلة ولم يبق احد منهم حيا فقد مزقته ايادي اخوة واحبة الشهداء الابرار ..
عدنا الى بيوتنا وكان للهواجس والريبة والقلق النصيب الاوفر من مساحة التفكير بالقادم المجهول ولم استطع النوم وتارة اخرج للشارع وتارة اعود وكان الكثير من الاخوة مثلي لهم ذات الهواجس ..
جلسنا على دكة قريبة وتحدثنا عن ماجرى والاحتمالات وكنت اذكر الاخوة بما جرى وكيف استطاع هؤلاء الطابور الخامس من اختراق المدينة وفعلا شنت حملة واسعة للبحث عن هؤلاء المنادين وطالب الاخوة في الاذاعة الجميع وكل من يعرفهم الارشاد اليهم ولو كانوا صادقين لجاءوا وبرروا فعلهم ولكنهم لم يفعلوا ذلك مما تيقن للجميع انهم ازلام النظام الاجرامي وكانت تلك الليلة هي التي تسبق العاصفة تلك العاصفة التي ما ان حل النهار التالي حتى هوت اولى صواريخ الطاغية وهي من طراز ارض ارض قصير المدى شديدةالانفجار ...............
ماهذا ؟؟؟
لقد عم المدينة صوت انفجار رهيب واهتزت البنايات والدور وصُمتْ الآذان من شدة الصعق وعلا الغبار ارجاء الدينة القديمة ..
كنت وبعض الاخوة في نهاية شارع الرسول ومركز الانفجار كان في نهاية الشارع في نقطة التقاء شارع الرسول بشارع المدينة ولكن كثرة الرماد والاتربة تجعلنا لانميز المكان بصورة جيدة اوقفنا بعض السيارات وكان السيد حيدر زوين  بقربي ولديه سيارة تكسي فطلبت منه ان نجمع بعض الاخوة وننطلق لانتشال الشهداء والجرحى فالمنطقة سكنية وتعج بالعوائل والسكان ....
انطلقنا مسرعين ويالهول ما نراه كان منظرا لم ار مثله في حياتي.............. التقيكم في تكملة لهذه الحقائق انشاء الله في الحلقة الرابعة من حقائق شعبان وحكايات حُفرت في ذاكرة التاريخ ولن يمحوها النسيان انشاء الله.

احمد مهدي الياسري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

سيتم حذف اي تعليق يحتوي كلمات نابية ودعوة للارهاب والقتل